انتهى اليوم الأول لبطولة القارات وتابعنا ظهور 4 منتخبات من الـ8 المشاركة في البطولة، وفيما يلي رؤية فنية لمستوى تلك المنتخبات الـ4
تابعنا أمس مع ملايين المشاهدين في أنحاء الكرة الأرضية إنطلاقة بطولة كأس القارات في جنوب أفريقيا، وقد شاهدنا مبارتين لنصف منتخبات تلك البطولة وبانتظار النصف الآخر منها خلال مباريات يوم الغد إن شاء الله.
مباريات اليوم والتي كانت تُمثل المجموعة الأولى أكدت حقيقة تواضع مستوى تلك المجموعة وكوْن مبارياتها ستكون مجرد تدريب جيد جدًا للمنتخب الإسباني قبل أن يواجد أحد الكبار في نصف نهائي البطولة، وفي المقابل سيكون التنافس على مصاحبة إسبانيا للمربع الذهبي بين الثلاثي وبالتأكد لن يصعد الأفضل بقدر من هو أفضل السيئين، وفيما يلي نظرة فنية على المنتخبات الـ4 وكيف ظهرت في مباراتها الأولى في البطولة.
منتخب العراق
نبدأ بالمنتخب العربي الذي نتمنى له كل الخير والتوفيق في البطولة العالمية، وإن كان ما قدمه اليوم لا يُبشر بأي خير، حيث ظهر المنتخب بمستوى متواضع للغاية خاصة على الجانب الهجومي بحيث فشل في خلق فرصة واحدة حقيقية على مرمى جنوب أفريقيا طوال الـ90 دقيقة رغم تواجد ثنائي من أفضل مهاجمي القارة الآسيوية في مقدمة صفوف الفريق وهما الثنائي عماد محمد ويونس محمود، لكن الواضع والغريب اليوم أنهما لم يدخلا ملعب المباراة وربما لم يدخلا جنوب أفريقيا بالكامل.
منتخب أسود الرافدين لعب بتكتيك 4-4-2 الواضح ولكنه كان يلعب بطريقة 4-4-0 بشكل واضح أيضًا، دفاع الفريق كان الخط الأفضل به حيث تصدى بشكل ممتاز لكل محاولات الاختراق الجنوب أفريقية وإن كنا هنا لا نهمل تواضع المستوى الهجوم للبافانا بافانا (جنوب أفريقيا) وأيضًا لا نتجاهل الأخطاء الناتجة عن عدم التركيز في الفترة الأخيرة من المباراة والتي كادت أن تكلف الفريق نقاط اللقاء كاملة، أما خط وسط العراق فقد بدا مرهقًا مشتتًا التركيز في كثير من أوقات المباراة ولم يظهر بمستوى متميز من الرباعي الا محور الإرتكاز فريد مجيدي الذي قاتل للحد من خطورة وسط جنوب أفريقيا وتمريراته السريعة المتبادلة، وسط الملعب كان أفضل كثيرًا في الشوط الأول لكنه تراجع بشكل كبير في الثاني نتيجة التفوق البدني والتكتيكي من لاعبي جنوب أفريقا ومدربهم، لا أدري كيف يمكن أن أصف خط هجوم الفريق العراق الا بكلمة أنه كان "كمالة عدد" للفريق، فلم يظهر الثنائي يونس محمود وعماد محمد بأي دور مؤثر داخل الملعب بل كان الثنائي يتسابق في اهدار الكرات العراقية دون أن نتجاهل غياب الدور الهجومي من الأطراف وعمق الملعب.
المدرب بورا لم يكن في أفضل أيامه اليوم، حيث فشل في إدارة المباراة كما يجب للتغلب على منتخب جنوب أفريقيا واستعادة السيطرة على منطقة الوسط خاصة في الشوط الثاني، كان الأفضل للمدرب الصربي أن يُخرج مهاجماه الفاشلان ويشرك لاعب وسط إضافي بجانب مهاجم آخر ليحول طريقة اللعب الى 4-5-1 مما قد يخلق له زيادة عددية في منطقة الوسط تساعده على احتواء وسط المنافس القوي، وهنا كان الخيار الأفضل إشراك اللاعب هوار ملة محمد مع بقاء جاسم كرار ليكونا ثنائي بارز في الهجمات المرتدة لأسود الرافدين.
منتخب جنوب أفريقيا
المنتخب المُضيف ظهر بشكل متواضع في بداية المباراة أمام العراق، لكنه تدريجيًا امتص حماس بطل آسيا وبدأ يسيطر على المباراة وخاصة منطقة الوسط مع محاولات لصناعة فرص خطيرة على مرمى العراق لكون دون جدوى باستثناء الـ10 دقائق الأخيرة التي حاول بها استغلال أخطاء الدفاع العراقي نتيجة نقص التركيز ولكن القدر ووحده القدر منعهم من الفوز خاصة في الفرصة الخطيرة جدًا في الدقيقة 80 والتي تصدى لها أحد لاعبيهم باخراج الكرة من خط المرمى.
منتخب البافانا بافانا لعب بطريقة مُحيرة نوعًا ما، فقد كانت تتنوع ما بين 4-4-2 و3-4-2-1 وأحيانًا 3-5-2، خط الدفاع لم يُختبر بالدرجة الكافية ليتم تقييمه ولكن برز منه بشكل لافت اللاعب الأبيض يووث والذي كان يؤدي في مركز الظهير الأيسر وقلب الدفاع وأحيانًا يظهر كلاعب مساك في خط الدفاع من خلال تحركاته الواضحة في المنطقة اليسرى للملعب، أما وسط الفريق فهو الخط الأفضل في الفريق الأفريقي حيث يتميز بالسرعة والمهارة واللياقة البدنية الجيدة جدًا والأهم القدرة على التمرير الجيد في المساحات الضيقة وتبادل الكرة، لكن يعيبهم نقص القوة الهجومية وعدم القدرة على الاختراق للأمام خاصة من عمق الملعب، الفريق كان يلعب على خطة واضحة هي تبادل التمريرات ثم التمريرة البينية لأحد جانبي الملعب وخاصة الجانب الأيمن حيث الجناح المنطلق لكن المشكلة كانت في عدم اكتمال الهجمة بسبب تميز الظهير الأيسر العراقي باسم عباس دفاعيًا، في نفس الوقت لم يساعد خط الهجوم الفريق كثيرًا وقد أهدر الفرص القليلة التي سنحت له خاصة في الفترة الأخيرة من المباراة.
منتخب نيوزلندا
لم يُخالف المنتخب القادم من قارة أوقيانوسيا التوقعات وظهر بمستوى متواضع في المباراة أمام اسبانيا، وإن كان لا يجب تجاهل قدرات المنتخب الإسباني الكبيرة والهائلة والتي لا يمكن إيقافها بسهولة، المنتخب النيوزلندي يمتاز بالجانب البدني معتمدًا على الكرات الطولية والعرضية ونقل الكرة بسرعة من منطقة الدفاع الى الهجوم دون المرور على خط الوسط في محاولة لتحاشي وسط المنافس القوي جدًا.
بالتأكيد لا يُمكن الجزم على مستقبل المنتخب النيوزلندي في البطولة من خلال المباراة أمام الإسبان لأنه الأقوى في البطولة ككل، لكن المباريات القادمة لهم أمام جنوب أفريقيا ثم العراق ستحدد بشكل أكبر المستوى الذي أتى به الفريق للقارة السمراء.
منتخب إسبانيا
لم يتغير منتخب إسبانيا في يورو 2008 عن الذي ظهر في افتتاح بطولة القارات 2009، حيث احتفظ أبطال القارة العجوز بنفس الأسلوب السهل الجميل في الأداء والذي يمتاز بالتحركات الرائعة دون كرة وتبادل المراكز المطعم بتمريرات قصيرة دقيقة ومهارات فردية ايجابية، والأهم أن كل ذلك وُضع في قالب تكتيكي ممتاز يُساعد كل اللاعبين على أداء أدوارهم بشكل ممتاز ومؤثر في الملعب وقد ساعد المدرب ديل بوسكي تواجد مجموعة من أفضل لاعبي العالم ضمن المنتخب سواء كانت مجموعة برشلونة الذهبية أو ثنائي ريال مدريد أو ليفربول المميز أو هداف فالنسيا ونجم وسط الأرسنال.
المنتخب يلعب بطريقة 4-2-3-1 والتي تتحول أحيانًا الى 4-2-2-2 ولكن ما يميز الفريق هو التبادل في المراكز والأدوار خاصة بين مجموعة الهجوم التي تتكون من الخماسي زافي وفابريجاس ورييرا وفيا وتوريس مع دور هام جدًا من الظهيرين وتحديدًا الأيسر كابديفيا، دفاع الفريق لم يختبر بالشكل اللازم اليوم ولهذا من الصعب تقييمه بل ربما سيكون من الصعب الحكم عليه طوال الدور الأول للبطولة وإن كان الدور الهجومي للظهيرين كان واضحًا خاصة لاعب فياريال (كابديفيا)، خط الوسط بالتأكيد هو الأبرز في الفريق سواء من حيث التحركات أو تبادل الكرة وصناعة الهجمات الخطيرة وقد برز اليوم فابرجاس بشكل واضح وبجانبه رييرا الذي شكل جبهة يسرى قوية جدًا مع كابديفيا، خط هجوم الإسبان يمتاز بالميزة الأهم وهي القدرة على الحسم وترجمة الفرص لأهداف بنسبة كبيرة، الجميل في أداء أبطال أوروبا هو التنوع التكتيكي في هجماتهم وامتلاكهم لجميع أساليب الهجوم في كرة القدم سواء التمريرات العرضية أو البينية أو الهجوم من عمق الملعب وتبقى الميزة الأهم والتي كررتها طويلًا التحرك دون كرة وتبادل المراكز بشكل منسجم وكأن الجميع يستمع لتعليمات رجل واحد يأمرهم بالتحرك في نفس اللحظة.
أبرز لاعبي اليوم الأول
باسم عباس: الظهير الأيسر العراقي برز بشكل كبير في الجانب الدفاعي لفريقه خاصة مع الوضع بعين الإعتبار التركيز الكبير من جنوب أفريقيا على جبهته وغياب الدور الدفاعي للجناح الأيسر كرار جاسم، ولهذا يُمكن تبرير غياب الجانب الهجومي لعباس.
سلام شاكر: قلب الدفاع العراقي تميز بقوة خلال المباراة الافتتاحية، حيث تميزت تدخلاته بالتوقيت السليم والتحرك الممتاز خلف الأظهرة بالإضافة للبروز بشكل جيد في التصدي للكرات الهوائية.
ماثيو بووث: تميز الظهير الأيسر لجنوب أفريقيا بقوة في المباراة، حيث برز بشكل كبير في الجانب الدفاعي والتصدي للعديد من المحاولات الفردية والجماعية للمنتخب العراقي والأهم تميزه بالمرونة التكتيكية حيث كان يلعب أحيانًا كمساك ثالث وأحيانًا ظهير أيسر وغالبًا قلب دفاع.
فرناندو توريس: مهاجم اسبانيا الرائع أكد قوته وتميزه في المباراة الافتتاحية لفريقه، من خلال ثلاث أهداف جميلة ومتنوعة فقد سجل الأول بتسديدة متقنة والثاني بلمسة هداف داخل المنطقة والثالث برأسية متقنة.
جوان كابديفيا: اليوم كان يوم لاعبي مركز الظهير الأيسر بالفعل، ولكن لاعب فياريال كان الأفضل حيث برز بأدائه الهجومي الممتاز من خلال انطلاقات قوية وايجابية وتمريرات حاسمة جلبت هدفين لأبطال القارة الأوروبة.
فرانشيسكو فابريجاس: لعب واحدة من أفضل مبارياته مع المنتخب الإسباني على مدار تاريخه، تميز بالتحرك الهجومي في وسط الملعب وخاصة من العمق مع تميز بالتمريرات البينية والأمامية بالإضافة لتحركاته الايجابية لداخل منطقة الجزاء وقد سجل هدف وساهم في تسجيل البقية.