قلت في المقال السابق أن دوري كرة القدم المصري هذه المرة ، يعيش واحدا من المواسم الاستثنائية ، التي لم تتكرر كثيرا من قبل ، فلازالت المنافسة قائمة على من يحسم اللقب ، رغم أنه في مثل هذا التوقيت –في مواسم سابقة كثيرة- لم يكن هناك مايستحق متابعته ، فلم يكن قد تبقى سوى صراع باهت ، وهامشي ، حول من يهبط إلى دوري الدرجة الأدنى ، بينما يكون اللقب قد انتهى "إكلينيكيا"، وماهى إلا أيام معدودات ، ويتوج البطل رسميا ، وهو في الغالب النادي الاهلى غالبا ، أوالزمالك..أحيانا ، اوالاسماعيلى..قليلا.
في هذا الموسم ، لاأحد يعرف من هو البطل؟ ولامن سيكون؟ وربما يسود الاعتقاد بأن الاهلى هو صاحب الحظ الأقرب في اللقب هذا الموسم ، ليس فقط لأنه يتقدم بأربع نقاط عن منافسه الأقرب –وهو الاسماعيلى- ولكن أيضا لان الاهلى ، هو الفريق الذي عود الناس دوما على عدم التنازل عن القمة عندما يعتليها ، وهو كذلك يمتلك من المقومات التي تتيح له الاستمرار في المنافسة بقوة حتى النهاية.
ورغم كل شيء المنافسة باقية ، حتى الآن ، ولم تمت البطولة ، ولازالت تتنفس ، وتتبدى الروح في كل أوصاله ، وهو مالم تألفه الناس كثيرا عبر مشوار البطولة فيما يزيد عن ستين عاما.
وحتى نتلمس طبيعة البطولة المحلية الأشهر ، والأقوى ، والأكثر جماهيرية ، لابد أن نعرف أنها منذ أن انطلقت في 22أكتوبر عام 1948 ، أقيمت 51 نسخة ، أحرز منها الاهلى 33 بطولة ، اى مايقرب من ثلثي العدد الاجمالى للبطولات ، إلى جانب 11 لقبا للزمالك ، بينما أحرزت بينما استحوذت خمسة أندية أخرى على "7" ألقاب أخرى ، والأرقام وحدها كفيلة بتوضيح طبيعة الدوري المصري ، التي كانت أشبه ببطولة ثنائية استحوذ عليها الاهلى الزمالك تقريبا ، ولم يتركا سوى الفتات الباقي الأندية المصرية ، وحتى نشعر بالفرق الشاسع بين الدوري المصري ، وبطولة مثل الدوري الانجليزي ، والتي لو كانت يحكمها قاعدة الدوري المصري ، لاستحوذ على واحد من الأندية ، على عدد هائل من الألقاب ، وترك الفتات لباقي الأندية ، وهو مالم يحدث ، فقد أقيمت البطولة منذ أن انطلقت عام 1889، وحتى الآن 109 مرة ، وكان أعلى من يحصل على اللقب ، هو نادي ليفربول وله 18، ثم نادي مانشستر يونايتد 18 لقبا ، ثم الارسنال 13 بطولة ، ثم ايفرتون 8 بطولات ، ثم أستون فيلا 7بطولات ، ووصل عدد من نالوا اللقب 23 ناديا ، أي أنها بطولة تقام على فكرة التداول ، وليس الاحتكار ، والطبيعي أن يتغير على المنصة هذا النادي ، أوذاك ، وهو مايعطى للحدث قيمة مختلفة ، ووزن أعلى ، وطبيعة خاصة ، وربما هذا هو الذي يفسر لنا: لماذا هي البطولة الأقوى ، والأشهر، والأغنى على مستوى العالم على الإطلاق.
وقد قلت من قبل أن التحول الذي يشهده الدوري هذا الموسم ، لم لاتحاد الكرة المصري اى دور فيه ، ولو كان لما يفعله الاتحاد تأثيرا ، لذهبت البطولة في الاتجاه المعاكس تماما ، وهذا ليس من فراغ ، فالبطولة تتوقف أكثر مما تستمر ، وتؤجل فيها المباريات المؤجلة ، وتتعرض الجولات للضغط تارة ، وتؤدى الفرق مبارياتها كل أربعة أيام أحيانا ، وتؤديها في أحيان أخرى كل أسبوع ، وربما أكثر.
أما التحول الأهم فكان يخص ظهور مجموعة من الفرق الجديدة ، التي لاتنتمى للنموذج التقليدي ، الذي تنتمي إليه الأندية القديمة ، وتنتمي هذه الفرق لشركات ، ومؤسسات ، فيها إدارات قادرة على تسيير الدفة بنجاح ، وكان وجودها إضافة إيجابية حقيقية للبطولة ، ومع توالى وجودها..موسما وراء الأخر، كانت تسهم في تغيير تدريجي في هوية البطولة.
إلى جانب دور هذا الأندية ، من المهم أن أشير إلى مافعله الإعلام ، وهو دور لم يكن مقصودا ، بل كان تلقائيا ، لكنه أنتج تطورا..وعند هذا لابد من وقفة في مقال قادم
نقلا عن صحيفة استاد الدوحة