يسدل قائد ميلان الأسطوري باولو مالديني الستار على مسيرة أسطورية في لعبة أعطاها وأعطته الكثير منذ أن جعلها "حرفته" قبل 31 عاماً عندما انضم إلى صغار الفريق "اللومباردي" عام 1978 في طريقه ليصبح أحد عظماء كرة القدم الإيطالية والعالمية.
واتخذ مالديني (40 عاما) قراره باعتزال اللعب مع نهاية الموسم الحالي وهو يخوض مباراته الأخيرة في "سان سيرو" الأحد عندما يتواجه ميلان مع روما في المرحلة السابعة والثلاثين قبل الأخيرة من الدوري المحلي.
ولم يرتد مالديني أي قميص سوى الأحمر والأسود الخاص بميلان كما فعل والده تشيزاري، وهو خاض 900 مباراة رسمية مع الفريق اللومباردي منذ 1984 مسجلاً رقماً قياسياً مع الفريق يضيفه إلى رقمين قياسيين أخريين هما 126: أي عدد المباريات التي خاضها مع منتخب بلاده، و174: أي عدد المباريات التي خاضها في المسابقات الاوروبية.
"لطالما تخيلت كيف سيكون اعتزالي. من المؤكد ان هذا اليوم سيكون حزينا بالنسبة الي"، هذا ما قاله مالديني منذ عدة اسابيع، مضيفا "سأرحل بصفاء (الذهن) لاني ساترك رياضة اعطتني الكثير: جعلتني اضحك وابتسم ومنحتني الكثير من الرضى والاكتفاء على الصعيدين الاحترافي والانساني. كرة القدم كانت خبرة منحتني الكثير من الاشياء الجميلة والقليل من الذكريات السيئة".
وبدأ مالديني الذي سيبلغ الحادية والاربعين من عمره في حزيران/يونيو المقبل، مشواره مع ميلان عام 1978 في الفرق العمرية قبل ان يشق طريقه الى الفريق الاول عام 1984 ومن ثم يخوض مباراته الاولى في 20 كانون الثاني/يناير عام 1985 عندما دخل في الشوط الثاني امام اودينيزي بعد اصابة سيرجيو باتيستيني.
ونجح مالديني في الموسم التالي في فرض نفسه اساسيا ضمن تشكيلة "روسونيري" في طريقه ليصبح احد افضل المدافعين الذين عرفتهم الكرة المستديرة، بعدما توج بالقاب الدوري المحلي في 7 مناسبات اخرها عام 2004، والكأس المحلية مرة واحدة والسوبر المحلية 4 مرات.
ويحتل مالديني المركز الثاني من حيث اكثر اللاعبين تتويجا بلقب الدوري المحلي (7 مرات) مشاركة مع روبرتو بيتيغا (يوفنتوس) وزميله المعتزل اليساندرو كوستاكورتا وتشيرو فيرارا (2 مع نابولي و5 مع يوفنتوس)، مساعد مدرب المنتخب حاليا، وغايتانو تشيريا (يوفنتوس) وغوغلييلمو غابيتو (2 مع يوفنتوس و5 مع تورينو).
اما اكثر اللاعبين فوزا بالدوري (8 مرات) فهم فيرجينيو روزيتا (2 مع برو فيرتشيلي و6 مع يوفنتوس) وجوفاني فيراري (5 مع يوفنتوس و2 مع انترميلان و1 مع بولونيا) وجوزيبي فورينو (يوفنتوس).
ولم ينجح مالديني الذي يحمل الرقم القياسي من حيث عدد المباريات في الدوري (646)، في معادلة انجاز اللاعبين الثلاثة لان ميلان لم يقف حائلا بين جاره انتر ميلان واللقب الرابع على التوالي للاخير.
اما على الصعيد القاري، فتوج مالديني بخمسة القاب في دوري ابطال اوروبا (89 و90 و94 و2003 و2007) ووصل الى النهائي اعوام (1993 و1995 2005)، و4 القاب في كأس العالم للاندية بمختلف تسمياتها (69 و89 و90 و2007)، والكأس السوبر الاوروبية (1993).
وعادل مالديني في 2007 انجاز مهاجمي ريال مدريد الاسباني الاسطورة الفريدو دي ستيفانو (1956 و1957 و1958 و1959 و1960) وزاراغا (1956 و1957 و1958 و1959 و1960) عندما توج مع ميلان بلقب مسابقة دوري ابطال اوروبا على حساب ليفربول الانكليزي (2-1)، علما بان الرقم القياسي موجود في حوزة نجم ريال مدريد ايضا فرانسيسكو خنتو (6 مرات).
كما عادل مالديني الرقم القياسي من حيث عدد المشاركات في النهائي والمسجل باسم خنتو وهو ثماني مباريات نهائية.
ولم يتمكن مالديني من تحطيم ارقام دي ستيفانو وزاراغا وخنتو لان ميلان شارك هذا الموسم في مسابقة كأس الاتحاد الاوروبي (ودع المسابقة) بعدما فشل في الذي سبقه من احتلال احد المراكز الاربعة المؤهلة الى المسابقة الاوروبية الام.
وعلى الصعيد الدولي شارك مالديني في المونديال في 4 مناسبات حيث بلغ النهائي مرة واحدة عام 1994 في الولايات المتحدة، وحقق المركز الثالث عام 1990 في ايطاليا، وبلغ نهائي امم اوروبا 2000.
وكان مالديني اساسيا في 74 مباراة مع "الازوري" من اصل 126 مشاركة بين عامي 1988 و2002، علما بان اول مباراة دولية له كانت في 31 اذار/مارس 1988 وكانت ودية امام يوغوسلافيا (1-1) وهو كان في التاسعة عشرة من عمره حينها، والاخيرة في 18 حزيران/يونيو 2002 في كأس العالم امام كوريا الجنوبية (1-2).
انه "جنتلمان"، هذه هي الصفة التي تلخص الاخلاق الرياضية الرفيعة التي تمتع بها مالديني خلال مسيرته الطويلة في الملاعب، وكانت مباراة الدربي التي خاضها مؤخرا ميلان مع جاره انتر ميلان خير دليل على تقدير الجمهور لهذا اللاعب المميز جدا، اذ وقفت جماهير انتر ميلان وصفقت حارا لمالديني علما منها بانه يخوض المواجهة الاخيرة بين الجارين اللدودين.
وعلق مالديني على هذه المسألة قائلا "كانت مفاجأة رائعة (تحية جماهير انتر). على الصعيد الانساني اعتقد انها اكثر اللحظات فخرا بالنسبة الي".
ولطالما ارتقى مالديني الى مستوى القائد الذي يعطي زملاءه الدعم المعنوي المطلوب، وهذا ما اكدى زميله البرازيلي كاكا قائلا "الامر الذي يلفت انتباهي دائما، هو انه يركض الملعب باكمله في كل مرة من اجل يهنىء زميله الذي سجل الهدف. انه امر نموذجي واجده رائعا".
مما لا شك فيه ان يوم الاحد سيكون عاطفيا ومؤثرا للغاية، سيحتشد 80 الف متفرج في "سان سيرو" من اجل ان يقولوا وداعا "باولو"، لكنه حتى وفي هذه اللحظة التاريخية لا يريد ان يكون محط الاهتمام لانه لا يريد ان يؤثر على تركيز فريقه الذي ينافس لتأكيد مركزه الثاني المؤهل مباشرة الى دوري الابطال الموسم المقبل.
"ساتأثر طبعا، لكن من واجبي ان افكر بالمباراة التي ستكون صعبة ومهمة جدا. وبعدها ساحظى بعطلة طويلة حتى ايلول/سبتمبر المقبل. اما بعد ذلك؟ لا اعلم، لكن انا متأكد من اني لن اكون مدربا".